د. أسامه أبو طالب: المغــامرة والتجريب أســاس لنهضة المسـرح
حوار: خليل الجيزاوي ـ القاهرة
«د. أسامة أبوطالب (?) شاعر وكاتب مسرحي وناقد تشهد الساحة النقدية بإسهاماته في الكثير من الدوريات وله حضور فاعل في الندوات والمؤتمرات البحثية عربياً ودولياً.
أسند إليه منذ عامين رئاسة المركز القومي للمسرح، حيث شهد المركز على يديه نشاطاً ملحوظاً في إثراء الحركة المسرحية، وذلك بعقد ندوات نقدية مهمة حول العروض المسرحية التي تثير جدلاً ومناقشتها نقدياً أو بتكريم رموز المسرح العربي مثل فنان الشعب يوسف وهبي والناقد الكبير عبدالقادر القط ثم الفنانة سناء جميل أو بإحياء سلسلة روائع المسرح العالمي وصدورها من القاهرة مرة ثانية».
يتطلع المركز القومي للمسرح للتعاون مع د. سلطان القاسمي وعرض مسرحيته في القاهرة
نهضة المسرح لابد أن تقوم على فن المغامرة والتجريب
حرية الفكر مكفولة بشرط احترام الإنسانية وضوابطها الشرعية
فكرة تأسيس معهد الفنون المسرحية في الشارقة تستحق منا التأييد وأتطلع للتعاون معهم وإمدادهم بكل مطبوعات المركز
حول إشكاليات وقضايا المسرح كان هذا الحوار:
الأرشيف القومي للمسرح:
. ما الدور الذي يقوم به المركز القومي للمسرح في إثراء الحركة المسرحية؟
- المركز ذاكرة وأرشيف لتاريخ المسرح منذ عهد محمد علي دور المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية أو المركز القومي لفنون العرض الحي هو رسالة تاريخية من يوم أن أنشئ لأن اسمه المركز القومي فقط بما يوحي ويحيل على قومية المكان ورسالته العربية تجاه فنون المسرح والموسيقى والفنون الشعبية أو فنون الفرجة الشعبية.
والعمل يتم على ثلاثة محاور هي رسالة المركز الرئيس:
- المركز ذاكرة وأرشيف لتاريخ المسرح منذ عهد محمد علي دور المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية أو المركز القومي لفنون العرض الحي هو رسالة تاريخية من يوم أن أنشئ لأن اسمه المركز القومي فقط بما يوحي ويحيل على قومية المكان ورسالته العربية تجاه فنون المسرح والموسيقى والفنون الشعبية أو فنون الفرجة الشعبية.
والعمل يتم على ثلاثة محاور هي رسالة المركز الرئيس:
المحور الأول: كون المركز ذاكرة حية لفنون العرض المسرحي ومن كون مسألة الذاكرة الحية فنحن الدور العربي بكامله وأن تتكرر تجارب المركز في كل الدول العربية حيث تصبح شبكة للذاكرة القومية فنون العرض الحي، حيث الذاكرة القومية، تبدأ التأريخ لها وحفظ وثائقها مستندياً أو ورقياً وإلكترونياً كما نفعل الآن بعرض البيانات الكبرى من يوم أن أرخ لدخوله، نستطيع أن نقول فنون الفرجة أو فنون الفرجة في مصر سواء ما قبل مصر الحديثة، مصر محمد علي، إذا استطعنا ذلك الآن، أو فيما بعد وعلى أية حال لدينا مطبوعتان مهمتان جداً في قسم التوثيق والطباعة وهي سلسلة توثيق التراث المسرحي، ونبدأ من سنة 1876 إلى سنة 1952، وإلى جانب التوثيق الطباعي هناك التوثيق بالفيديو، حيث نقوم بتسجيل كل ما نستطيع تسجيله من عروض مسرحية ينتجها مسرح الدولة بصوره المتنوعة، البيت الفني للمسرح، البيت الفني للفنون الشعبية، وأيضاً فيه مسارح كثيرة وهي 132 مسرحاً في مسارح الهيئة العامة لقصور الثقافة.
وهناك نوادي مسرح ويوجد عدد 400 نادٍ أو أقول قليلاً، بالإضافة إلى العروض الجادة المتميزة إذا وجدت في القطاع الخاص، ونحن نتمنى أن ينشر هذا التوثيق متبادلاً بيننا وبين الحركات المسرحية في العالم العربي.
هذا في مجال المسرح هناك توثيق بالفيديو، وهناك أيضاً توثيق بالصور، كذلك وكافة أشكال التوثيق، حفظ المخطوطات، حفظ النوت الموسيقية، إعادة تسجيل التراث المدون على نوت موسيقية، إعادة تسجيله حياً وسماعه كما كان يعرض، والبحث عن الظواهر شبه المسرحية المصرية والعربية، إحياء هذه الأشكال التراثية القديمة، والعمل على إعادة التعامل معها ومعالجتها معالجة حديثة سواء من الكتب أو من الفنان المسرحي أو الفنان الموسيقي.
هذا في مجال المسرح هناك توثيق بالفيديو، وهناك أيضاً توثيق بالصور، كذلك وكافة أشكال التوثيق، حفظ المخطوطات، حفظ النوت الموسيقية، إعادة تسجيل التراث المدون على نوت موسيقية، إعادة تسجيله حياً وسماعه كما كان يعرض، والبحث عن الظواهر شبه المسرحية المصرية والعربية، إحياء هذه الأشكال التراثية القديمة، والعمل على إعادة التعامل معها ومعالجتها معالجة حديثة سواء من الكتب أو من الفنان المسرحي أو الفنان الموسيقي.
المحور الثاني: هو تفعيل الحياة النقدية ولنا تجربة هامة جداً في الترويج المسرحي بعقد الندوات عقب العروض المسرحية وبالانتقال إلى التجمعات والجامعات والمدارس والمعاهد العليا.
تصحيح مسار الذوق الفني العام
المحور الثالث: هو دور المركز في تصحيح الذوق العام الذي أصابه الضرر، وذوق المستمع العربي أصابه الكثير من الهبوط في السنوات العجاف الأخيرة نتيجة إشكاليات كبرى منها اقتحام رأس المال غير المدرك للإنتاج الفني بكل أنواعه، السماوات الفضائية المفتوحة، دخول الغث مع السمين، والغبار مع الهواء النقي، كل ذلك يحتاج إلى غربلة، ومن ثم دوري تحقيق الوقاية الذاتية أو التحصين الذاتي لذوق المتفرج.
نحن لا نستطيع أن نغلق السماوات المفتوحة، ولا النوافذ المفتوحة، فهذا كان عهد وانقرض، لكن نستطيع أن نفعل شكلاً من أشكال الحصانة الذاتية لكي نستطيع أن نجابه به كل هذه التيارات، نحن نحتمي بالتراث، ولكن لا نعبد هذا التراث، وإنما نحتمي به عندما نعيد تقييمه ونشارك في نقده حقيقة، ثم نعيد عرضه كما كان أو كما يقترح أن يطعم أو يعرض بشرط أن يتناول هذا الدور أصحاب العلم والخبرة.
المحور الثالث: هو دور المركز في تصحيح الذوق العام الذي أصابه الضرر، وذوق المستمع العربي أصابه الكثير من الهبوط في السنوات العجاف الأخيرة نتيجة إشكاليات كبرى منها اقتحام رأس المال غير المدرك للإنتاج الفني بكل أنواعه، السماوات الفضائية المفتوحة، دخول الغث مع السمين، والغبار مع الهواء النقي، كل ذلك يحتاج إلى غربلة، ومن ثم دوري تحقيق الوقاية الذاتية أو التحصين الذاتي لذوق المتفرج.
نحن لا نستطيع أن نغلق السماوات المفتوحة، ولا النوافذ المفتوحة، فهذا كان عهد وانقرض، لكن نستطيع أن نفعل شكلاً من أشكال الحصانة الذاتية لكي نستطيع أن نجابه به كل هذه التيارات، نحن نحتمي بالتراث، ولكن لا نعبد هذا التراث، وإنما نحتمي به عندما نعيد تقييمه ونشارك في نقده حقيقة، ثم نعيد عرضه كما كان أو كما يقترح أن يطعم أو يعرض بشرط أن يتناول هذا الدور أصحاب العلم والخبرة.
نهضة المسرح تقوم على فن المغامرة والتجريب
. في كتابكم المهم «مغامرة المسرح» جملة تقول: إن المسرح لا يقام على فن المغامرة والتجريب. في ضوء ذلك، ما الحدود التي تؤمن بها لمزيد من حرية الفكر والعقل وإطلاق العنان للمغامرة والتجريب للنهضة بفن المسرح؟
- حرية الفكر ليس لها حدود إلا الحدود التي يضعها العقل السليم والفطرة السليمة، يستطيع الفكر أن يقتحم كل المجاهل وكل ما يستطيع العقل البشري أن يتناوله ويصل إليه، على سبيل المثال كل ما هو في إدراك الإنسان وفي مقدور هذا العقل أن يصل إليه فليصل إليه هذا العقل، قضية الفكر، قضية إعمال العقل موجودة بضوابطها الإنسانية الشرعية التي وضعها العقل السليم والفطرة السليمة وإمكانية العقل البشري لأن العقل البشري له حدوده مثل الترمومتر الطبي مثلاً إذا تخطى درجة الـ 54 ينفجر هذا الإنسان، فنحن نستطيع أن نقيس درجة غليان الماء بالترمومتر الطبي هذه هي المسألة، أما حدود الاجتهاد فمفتوحة تماماً بشرط أن يقوم بها عارفون. حدود مغامرة الإبداع هي مطلب ومنتهى الأخلاق لكن أن يكون المغامر إبداعياً مستنداً أو متكئاً على أرض من الخبرة ومن المعرفة وأنا دائماً يحلو لي أن أضرب هذا المثل عندما يأتي أحد الناس ويشخبط شخبطة بلهاء ونسأله ماذا تفعل؟ فيقول: أنا أعمل فن تجريبي! فرق الشخبطة عن الفن التجريبي، أن شخبطة الفنان التجريبي تبدو كأنها شخبطة في الظاهر لكن تحت السطح يحكمها عقل واع وخبرة عملية وفن مثل أداء المجنون حقيقة.
لماذا لا يقف المجنون حقيقة على خشبة المسرح؟ لأنه غير منضبط وليس لديه سلطة عقلية، لكننا نأتي بممثل مدرك متعلم مثقف واعٍ، ويقوم بدور المجنون.
. في كتابكم المهم «مغامرة المسرح» جملة تقول: إن المسرح لا يقام على فن المغامرة والتجريب. في ضوء ذلك، ما الحدود التي تؤمن بها لمزيد من حرية الفكر والعقل وإطلاق العنان للمغامرة والتجريب للنهضة بفن المسرح؟
- حرية الفكر ليس لها حدود إلا الحدود التي يضعها العقل السليم والفطرة السليمة، يستطيع الفكر أن يقتحم كل المجاهل وكل ما يستطيع العقل البشري أن يتناوله ويصل إليه، على سبيل المثال كل ما هو في إدراك الإنسان وفي مقدور هذا العقل أن يصل إليه فليصل إليه هذا العقل، قضية الفكر، قضية إعمال العقل موجودة بضوابطها الإنسانية الشرعية التي وضعها العقل السليم والفطرة السليمة وإمكانية العقل البشري لأن العقل البشري له حدوده مثل الترمومتر الطبي مثلاً إذا تخطى درجة الـ 54 ينفجر هذا الإنسان، فنحن نستطيع أن نقيس درجة غليان الماء بالترمومتر الطبي هذه هي المسألة، أما حدود الاجتهاد فمفتوحة تماماً بشرط أن يقوم بها عارفون. حدود مغامرة الإبداع هي مطلب ومنتهى الأخلاق لكن أن يكون المغامر إبداعياً مستنداً أو متكئاً على أرض من الخبرة ومن المعرفة وأنا دائماً يحلو لي أن أضرب هذا المثل عندما يأتي أحد الناس ويشخبط شخبطة بلهاء ونسأله ماذا تفعل؟ فيقول: أنا أعمل فن تجريبي! فرق الشخبطة عن الفن التجريبي، أن شخبطة الفنان التجريبي تبدو كأنها شخبطة في الظاهر لكن تحت السطح يحكمها عقل واع وخبرة عملية وفن مثل أداء المجنون حقيقة.
لماذا لا يقف المجنون حقيقة على خشبة المسرح؟ لأنه غير منضبط وليس لديه سلطة عقلية، لكننا نأتي بممثل مدرك متعلم مثقف واعٍ، ويقوم بدور المجنون.
إذن حدود المغامرة في الفن أن يكون عارفاً بالأصول الأصلية ومرّ بها ويفضل أن يكون مرّ بها مروراً عملياً وليس مجرد القراءة عنها، يظل يرسم الفنان بشكل كلاسيكي يرسم شخوصاً وطيوراً وأشجاراً ثم لا يشبعه هذا الإطار فيتخطاه إلى أطر أخرى، فيصبح مغامراً مكتشفاً ويطلب النقد أن يمشي خلفه، لكن بشرط أن يكون هو أيضاً واعياً فتجربة المغامرة في الإبداع والفن لا تشترط إلا المعرفة الحقيقية والخبرة، فخلف المبدع المغامر رصيد من الإبداع.
الحاجز الترابي وعروض المسرح
. من خلال تواجدك وسط المشهد المسرحي كناقد ومتابع ومهموم بحركة المسرح؛ ما أسباب تدهور المسرح المصري وتراجع دوره الريادي بوصفه أبا الفنون؟
. من خلال تواجدك وسط المشهد المسرحي كناقد ومتابع ومهموم بحركة المسرح؛ ما أسباب تدهور المسرح المصري وتراجع دوره الريادي بوصفه أبا الفنون؟
- المسرح ليس متدهوراً على الإطلاق، وهذا ظلم فادح، دعني أوضح لك وأنا لامس خريطة المسرح المصري، مصر هي البلد الوحيدة في الشرق الأوسط ومن أقل القليل في بلاد العالم التي تعتمد المسرح كمهنة، بيوت مفتوحة، عشرات الآلاف من العائلات تأكل عيش من وراء المسرح، ومن وراء السينما، أيضاً في كل دول العالم في الشرق الأوسط المسرح هواية، لكن في مصر المسرح مهنة، أي أن الناقد ليس له وظيفة أخرى، الممثل ليس له وظيفة أخرى، مصمم الديكور، الميكانست، العامل الفني، هذه بيوت مفتوحة وتعيش من المسرح.
إذن أنا المسرح مصدر دخلي ومصدر الانتعاشة أيضاً، لا نستطيع أن نقول: إن هناك تدهوراً بينما الدولة ـ وزارة الثقافة ـ ترصد في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة العالمية 6 ملايين جنيه سنوياً للبيت الفني للمسرح، فما بالك بميزانية 132 فرقة مسرحية في الثقافة الجماهيرية، وأكثر من 300 أو 400 نادٍ مسرحي في قصور الثقافة، ثم فرق المسرح المدرسي، ثم مهرجانات الجامعة، ثم مهرجانات وزارة الشباب، لكن الذي تعاني منه الحركة المسرحية ليس تدهوراً، لأن هناك عروضاً راقية، عروض الملك لير، صلاح عبدالصبور، نجيب سرور، وعروض لن تسقط القدس وعروض عطيل.
إذن هذا ليس تدهوراً ولكن هناك حاجزاً ترابياً يحول ما بين الجمهور الذي يستحق الدعم الفني المسرحي من الدولة وما بين مسرحه الحقيقي، هذا هو دور المسرحيين الآن.
وتتساقط أوراق المسرح التجاري
* إذن ما تفسير إقبال الجماهير على المسرح التجاري وانصرافه عن مسرح القطاع العام؟
ـ لم يعد هناك إقبال من الجماهير على المسرح التجاري بعد أن خلع المسرح التجاري آخر قطعة من ملابسه، وتعرى تماماً، وبعد أن اكتشف المسرحيون الجادون عبث محاولة تقليدهم للمسرح التجاري الجريح، تمت العزلة تماماً، أصبح المسرح التجاري الآن ـ أو سوف تتساقط أوراقه تساقطاً كاملاً ـ يعرض يوماً أو يومين في الأسبوع ثم يحاولون إطعامه، وحقنه بحقن الجدية نقلاً عن القطاع العام، ومن المسرح التجاري أيضاً تجربة لينين الرملي الجادة وتجارب محمد صبحي، ولا نستطيع أن نصف عادل إمام بأن تجاربه غير جادة، وإن كانت ليست في المستوى المطلوب، لكن عادل إمام ومحمد صبحي أكثر عروض القطاع الخاص جدية، وبما يحاوله أيضاً مسرح الفن عند جلال الشرقاوي، ولكن ما زال مسرح وزارة الثقافة هو المسرح الرائد بتقديمه لكبار الكتاب وتجارب الشباب نقلاً عن التجارب العالمية، كما لدينا مسارح البيت الفني ولدينا مركز الإبداع الذي يقدم مسرحاً جيداً حقيقياً ولدينا مسرح الهناجر للفنون، كل هذه تجارب لكن العلة الحقيقية في المسرحيين أنهم يريدون أن ينتجوا العروض ويناموا عليها، ثم تقوم الدولة بجلب الجمهور لهم، كذلك لابد وأن يعطي المسرحيون من أنفسهم للمسرح شيئاً، هذا هو تقصير المسرحيين وتقصير أجهزة الإعلام والصحافة الفنية، لأن الصحافة الفنية لا تحتفي هي وأجهزة الإعلام بتجارب أو بأعمال مسرح الدولة الجادة قدر احتفائها بأعمال مسرح الأفراد الرخيص، يشارك في تحمل المسؤولية أيضاً غياب الناقد الواعي ـــ الناقد الموضوعي والناقد الجاد وحلول الطفرة في الهاوي الهزيل ثقافةً وقلماً، وهذه أسباب حجب الجمهور، يشارك فيها أيضاً عدم التزام المسرحيين المسؤولين عن الحركة المسرحية ـــ الموظفين المسرحيين ـــ وهم للأسف أهل ثقة وأهل خبرة، وعدم التزامهم بالضوابط وبالقواعد العلمية في الإدارة بمعنى غياب الريبوتوار يعني الذاكرة المسرحية الماضية تذهب إلى النسيان، وهذا ما يحاول المركز القومي للمسرح أن يحافظ عليه، ويحتفظ به حياً لأنهم لا يضعون برامج مسبقة للمواسم المسرحية المختلفة، وذلك يترك فرصة دائمة للقفز من الخارج وتبادل المنفعة، علة المسرح المصري العظيم ذو التاريخ الكبير ـــ الناهض والمدعوم دعماً كاملاً من وزارة الثقافة ـــ هم المسرحيون ولو أرادوا به خيراً لصار إلى خير، لكنهم غير مخلصين لهذا المسرح.
ـ لم يعد هناك إقبال من الجماهير على المسرح التجاري بعد أن خلع المسرح التجاري آخر قطعة من ملابسه، وتعرى تماماً، وبعد أن اكتشف المسرحيون الجادون عبث محاولة تقليدهم للمسرح التجاري الجريح، تمت العزلة تماماً، أصبح المسرح التجاري الآن ـ أو سوف تتساقط أوراقه تساقطاً كاملاً ـ يعرض يوماً أو يومين في الأسبوع ثم يحاولون إطعامه، وحقنه بحقن الجدية نقلاً عن القطاع العام، ومن المسرح التجاري أيضاً تجربة لينين الرملي الجادة وتجارب محمد صبحي، ولا نستطيع أن نصف عادل إمام بأن تجاربه غير جادة، وإن كانت ليست في المستوى المطلوب، لكن عادل إمام ومحمد صبحي أكثر عروض القطاع الخاص جدية، وبما يحاوله أيضاً مسرح الفن عند جلال الشرقاوي، ولكن ما زال مسرح وزارة الثقافة هو المسرح الرائد بتقديمه لكبار الكتاب وتجارب الشباب نقلاً عن التجارب العالمية، كما لدينا مسارح البيت الفني ولدينا مركز الإبداع الذي يقدم مسرحاً جيداً حقيقياً ولدينا مسرح الهناجر للفنون، كل هذه تجارب لكن العلة الحقيقية في المسرحيين أنهم يريدون أن ينتجوا العروض ويناموا عليها، ثم تقوم الدولة بجلب الجمهور لهم، كذلك لابد وأن يعطي المسرحيون من أنفسهم للمسرح شيئاً، هذا هو تقصير المسرحيين وتقصير أجهزة الإعلام والصحافة الفنية، لأن الصحافة الفنية لا تحتفي هي وأجهزة الإعلام بتجارب أو بأعمال مسرح الدولة الجادة قدر احتفائها بأعمال مسرح الأفراد الرخيص، يشارك في تحمل المسؤولية أيضاً غياب الناقد الواعي ـــ الناقد الموضوعي والناقد الجاد وحلول الطفرة في الهاوي الهزيل ثقافةً وقلماً، وهذه أسباب حجب الجمهور، يشارك فيها أيضاً عدم التزام المسرحيين المسؤولين عن الحركة المسرحية ـــ الموظفين المسرحيين ـــ وهم للأسف أهل ثقة وأهل خبرة، وعدم التزامهم بالضوابط وبالقواعد العلمية في الإدارة بمعنى غياب الريبوتوار يعني الذاكرة المسرحية الماضية تذهب إلى النسيان، وهذا ما يحاول المركز القومي للمسرح أن يحافظ عليه، ويحتفظ به حياً لأنهم لا يضعون برامج مسبقة للمواسم المسرحية المختلفة، وذلك يترك فرصة دائمة للقفز من الخارج وتبادل المنفعة، علة المسرح المصري العظيم ذو التاريخ الكبير ـــ الناهض والمدعوم دعماً كاملاً من وزارة الثقافة ـــ هم المسرحيون ولو أرادوا به خيراً لصار إلى خير، لكنهم غير مخلصين لهذا المسرح.
. تابع المسرحيون الخلاف الدائر بينك وبين د. هاني مطاوع رئيس البيت الفني للمسرح في تسجيل بعض العروض المسرحية كحفظها كأرشيف. أين وقفت آخر جهودك في حفظ العروض المسرحية كأرشيف للدارسين والنقاد؟
- لقد قلت للدكتور هاني مطاوع وهو زميل قديم ـــ يعني نحن الاثنين في نفس الخندق ــ أنت تنتج وأنا أحافظ على إنتاجك وأروج له وأحضر لك الجماهير وأقيم الندوات وأصحح الذوق الفني العام، وأسوي الطريق وأمهده أمام وبجوار وخلف ما تنتجه من المسرح، لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، أنا متحمس حماساً منقطع النظير، وكما قلت من قبل إن د. هاني لا يعير لهذه المسألة الاهتمام المطلوب، ويبدو أنه ورث هذا الموقف من سابقيه، فأنا أستطيع أن أفهم لماذا هذا التخوف من دور المركز القومي للمسرح؟
يقولون دائماً المركز القومي في ظل أسامة أبو طالب يريد أن يبسط مظلته على الجميع أنا أعلم جيداً ما معنى ذلك، لأننا نحن الذين نطالب بتسجيل العرض المسرحي وبإقامة ندوة عقب هذا العرض، في هذه الندوة يُكشف كل شيء فنياً، الأخلاق تكشف لا أريد حتى الأخلاق سلباً، لكن يكشف ما يحاط بالعمل وبظروفه وبإنتاجه ويقيم في تجربتنا الضخمة للترويج المسرحي يأتي كل النقاد، كل الكتاب، كل المتذوقين، تفتح المنصة الصالة مع الفنانين وتستمر الندوة إلى 5 أو 6 ساعات، وإلى الثانية بعد منتصف الليل.
في الندوة يقال كل شيء، لكن البعض يخافون دائماً من النقد ولا يضمنون أن يأتي النقد في صالحهم، نحن نعيش في مناخ منفتح تماماً، ومناخ حقيقي من حرية التعبير، نحن نضع لهم العلاج المطلوب، تقريرنا الفني، لماذا نجح هذا العرض فنياً وسقط مادياً، أي لم يأت بعائد مادي، لماذا نجح هذا العائد المادي مع هبوطه فنياً؟ ما المطلوب؟ لكنهم يخافون من التشخيص! هذه هي المشكلة فأنا أطلب من د. هاني مطاوع أن يصبح أكثر جرأة لأنه ليس لديه ما يخفيه وهذه مسؤولية تاريخية من يخونها فقد خان ذاكرة الوطن وفنه وإبداعه ونحن كلنا في سفينة واحدة الثقافة والفن، وفي سفينة وزارة الثقافة المسرحية، أي الاعتراض على الدور الذي يقوم به المركز القومي للمسرح أنا أسميه فعلاً خيانة لقضية المسرح وللأسف الذي تسبب في هذه المشكلة هو سلفي القديم د. أبو الحسن سلام والأستاذ محمود الحديني الذي كان يشغل وظيفة رئيس البيت الفني للمسرح ود. هدى وصفي في لحظة من اللحظات اعتقدوا بأنني آت لكي أنقضّ على عروشهم فصنعوا جبهة تحول ما بين المركز وما بين المسارح بالرغم من أنني أدخلت لهم في ظرف ثلاثة أشهر 3786 شاباً جامعياً متفرجاً، وكنا نأخذهم بأتوبيس المركز وقطاع الإنتاج الثقافي ونصنع لهم ندوات وترويج وكانت المسارح مكتظة عن آخرها لدرجة أن لينين الرملي طلب مني أن أعمم التجربة أيضاً على مسرحه في القطاع الخاص في مسرحية «آدم وحواء» ووافقت وحضر 700 متفرج في مسرح نجيب الريحاني بعماد الدين عندما خفض لينين التذكرة من 80 جنيهاً إلى 10 جنيهات، إذن ما ينقصنا هو روح الفريق وهو الإيمان برسالة موحدة.
. كيف يحدث ذلك والهدف الأقوى هو تسجيل العروض المسرحية وأين دور المسرحيين؟
- المبدعون والفنانون يضجّون بالشكوى وهو لا يريد وسوف أطلعك على خطاب الأستاذ محمود الألفي مدير المسرح القومي الذي وقف منذ التجربة في القديم عندما كان يحلم برئاسة البيت الفني للمسرح (يفتح أحد الملفات وهو يشير لي) هذا طلب من الأستاذ محمود الألفي بتاريخ 25/2/2003 للدكتور هاني مطاوع لتسجيل مسرحية العنكبوت من إخراج الفنان مصطفى طلبة بالمسرح القومي ولم يرد د. هاني حتى هذه اللحظة لماذا هذا التوجس من هذا الإقدام على تسجيل العروض، وهي رسالة المركز، هم لا يريدون أن نقوم بندوات يتم فيها تقييم العمل، فليكن لن نقوم بندوات في المسارح سوف نقوم بندوات في المجلس الأعلى للثقافة الذي فتحه لنا مثقف كبير هو د. جابر عصفور على مصراعيه، لكن وظيفة حفظ وتوثيق العروض خيانة، الذي يعترض على حفظ وتوثيق عروض أو إبداع المسرح المصري، مسرح الدولة المصري، أعتقد أنه يرتكب خيانة عظمى لن يغفرها له التاريخ.
يتطلع المركز للتعاون مع الأشقاء في الإمارات
. هل يقوم المركز القومي للمسرح أو يعتمد خطة للتبادل الثقافي مع المسارح العربية أو دعوة هذه العروض للعرض في القاهرة؟
- نعم، دائماً أدعو الوفود العربية للمركز أو أطلعهم على تجربة الأرشيف القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية في مهرجان القاهرة التجريبي السنوي، وأستضيف زملاء أطلعهم عليها وأهديهم مطبوعات المركز وأهديهم التجربة كاملة وأطلب منهم ونحن نعد الآن لأن نصدر مطبوعة ضخمة جداً اسمها (مسرح كل العرب) يكتب فيها مسرحيو كل دولة على ثلاثة محاور يكتب بها عدد خاص بهم ويصبح مسرح كل العرب.
المحور الأول هو البدايات أو المنابع
المحور الثاني هو الراهن المسرحي
المحور الثالث هو استشراف المستقبل، ثم نلتقي جميعاً في القاهرة ويتم إصدار هذه الكتب التوثيقية في مجلد واحد مشترك والدعوة مفتوحة والزملاء في المغرب يعملون من أجل ذلك الآن، وبعض الدول العربية وإن شاء الله تعمم التجربة وأرجو أن تصل إلى الزملاء في دولة الإمارات، وأنا على استعداد لتنفيذ هذا المشروع الذي التزمت به بأن أمدهم بكل مطبوعات المركز وأمدهم بكل شرائط الفيديو المسجلة من عروضنا المسرحية تباعاً في مقابل أن يقوموا هم بإمدادي بما لديهم، فنصنع الذاكرة القومية للمسرح العربي.
ومن خلال (الرافد) أدعو الكاتب المسرحي د. سلطان بن محمد القاسمي للتعاون مع المركز وتقديم مسرحيته (الواقع صورة طبق الأصل) في القاهرة التي يناشد من خلالها الأمة العربية بالتضامن والوحدة وعدم اليأس في ظل هذه الظروف القاسية.
روائع المسرح العالمي
. يعيد الآن المركز القومي للمسرح سلسلة روائع المسرح العالمي ما الخطة التي يعتمدها للنهوض بهذه الإصدارات الجادة؟
- أولاً هذه الإصدارات قطعة عزيزة من كبد الثقافة المصرية العربية، صدرت الأعداد الأولى من سلسلة روائع المسرح العالمي في مصر على يد فريق من أساتذتنا العظام د. محمد إسماعيل موافي رحمه الله ومعه مصطفى ماهر ود. عبدالغفار مكاوي ود. محمد القصاص وأحمد عباس صالح صفوة المثقفين حقيقة، وكانوا متنوعين في الاتجاهات الفكرية، لكنهم كانوا باقة جميلة جداً ما بين ماركسيين وليبراليين ووحدويين وناصريين وراديكاليين، لكن صدرت منهم من منطلق الإخلاص في قضية الثقافة ثم ظلت هذه السلسلة مطردة، وتباع بخمسة قروش، حتى ابتلينا بهزيمة 67، فتوقفت ضمن ما توقف في الوطن من أشكال وظواهر حيوية لكي تنتقل إلى دولة الكويت الشقيقة، وفي دولة الكويت لم تنتقل الفكرة لكن انتقل البشر، فظهرت في دولة الكويت بنفس المجموعة من الأساتذة المصريين ويعاونهم أساتذة عرب من كل الدول العربية وبرأسمال كويتي، وظلت تصدر حتى ابتلينا جميعاً بما أصاب الوطن العربي في عام 90 بحرب الخليج، ثم بدأت تتهاوى شيئاً فشيئاً مع كل ما انتاب الحياة الثقافية في دولة الكويت الشقيق إلى أن كفت وتوقفت عن الصدور، لكن بما أننا نتحرك على خريطة واحدة اسمها الوطن العربي الكبير كان لابد أن تقفز منتفضة ثانية، فعرضت الفكرة على الفنان فاروق حسني وزير الثقافة وما زلت أتذكر كلماته في هذه اللحظة: ابدأ فوراً.
وبالفعل أنا لا أستطيع أن أعرف كيف بدأت، شكلت لجنة من كبار الأساتذة ومنهم ـــ أمد الله في أعمارهم ـــ د. محمود علي مكي المؤسس الأول، والدكتور سليمان سلامة، وبدأنا فعلاً نصدرها بشكل مشرف وبسعر رمزي 2 جنيه مصري، وقد أصدرنا أربعة أعداد والعدد الخامس سيصدر قريباً، أعتقد أن هناك ديناً كبيراً عليّ وأعتقد أنني نجحت في أن أوفيه من الثقافة العربية لأستاذنا الكبير العميد د. طه حسين عندما بدأنا بترجمته التاريخية الرائعة لأديب ملكاً ــ سوفوكليس، ولم تكن في السلسلة من قبل، وأنا أحلم أن تصدر هذه السلسلة إن شاء الله مرتين في الشهر، مرة لإعادة الأعمال العظمى التي ترجمت وقدمت، ومرة لتقديم المسرح الحديث أو الدراما الحديثة في كل دول العالم، وهذا إنتاج أو إنجاز يشرفني ويشرف وزارة الثقافة المصرية أن تقدم للقارئ العربي أعمالاً مسرحية، وبهذا الإخراج واللغات الأصلية فقط دون لغات وسيطة، وبهذا السعر الزهيد، وبهذا الإخراج الفني المتميز.
. هذا عن الإبداع والتراث العالمي، ماذا عن التراث المسرحي العربي وإبداع الشباب المسرحي؟
- الحقيقة أرد الفضل لأهله في هذه السلسلة التي سوف تصدر قريباً، سلسلة التراث المسرحي العربي، وسوف نعيد طبع الأعمال المسرحية القديمة التي قدمت في العشرينيات والثلاثينيات منقحة ومضبوطة على أصولها الأصيلة، أي نقدم العمل مضبوطاً عن أصوله وهذه خدمة علمية كبرى وشكلت لذلك لجنة هامة يتصدرها اسمان كبيران في الثقافة العربية د. محمد يوسف نجم وهو شيخ المؤرخين المسرحيين العرب، ود. جابر عصفور بصفته ناقداً كبيراً ومعنا د. يونان لبيب رزق المؤرخ الكبير وسوف تصدر أعمالها قريباً، لكن إبداع الشباب المسرحي للأعمال المصرية يقوم به خير قيام وعلى أكمل وجه مجموعة الهيئة العامة لقصور الثقافة وعلى رأسهم زميلي د. أنس الفقي بخبرته الكبيرة المسرحية كناشر وقدم فيها إنجازاً حقيقياً في طبعتها الجديدة، وتباع بجنيه وقد صدر منها 300 عدد أو أكثر وهي سلسلة (نصوص مسرحية) التي تصدر عن هيئة قصور الثقافة في القاهرة.
فكرة تأسيس معهد الفنون المسرحية بالإمارات تستحق التقدير
. بعين الناقد المتابع كيف ترى المشهد العربي المسرحي في الإمارات؟
- أراه جاداً وحقيقة وراغباً ومعانياً من كل ما تعاني منه كل الثقافة الجادة في العالم العربي، وفي العالم بأكمله، تاريخ المسرح الإماراتي تاريخ قريب، لكني أسعد كثيراً بتجارب الشبان الذين يأتون كل عام للمهرجان التجريبي المسرحي وأرى حقيقة تفجراً إبداعياً، وأرى اطلاعاً على الحركة في العالم، في الإمارات نهضة مسرحية أيضاً، نهضة إصدارات من الشارقة ومن الإمارات كلها وأسمع الآن عن دراسات لتأسيس معهد للفنون المسرحية، وهي فكرة تستحق منا كل التأييد أتطلع للتعاون معهم وإمدادهم بكل مطبوعات المركز واستضافة للمسرحيين العرب بما يبشر بأن يصبح المسرح العربي على الخريطة العربية كاملة وسيلة حقيقية للأداء الجيد وتحت فكرة التنوير والتصدي للسوقية والجهل والإرهاب والترف، هذه هي وظيفة المسرح الحقيقية وتحت هذه اللافتة يجب أن يمضي وما عدا ذلك يعد عبثاً حتى الترفيه أيضاً تحت هذه الرسالة.
تكريم رموز المسرح العربي
. في الفترة الأخيرة قام المركز القومي للمسرح بتكريم بعض رواد المسرح المصري مثل الفنان الكبير يوسف وهبي، والناقد الكبير د. عبدالقادر القط والفنانة القديرة أمينة رزق وأخيراً الراحلة سناء جميل. هل في خطة المركز دعوة بعض المسرحيين العرب لتكريمهم أو تقديم بعض هذه العروض في القاهرة؟
- في المركز حالياً نقوم بترميم مبنى ومقر المركز الذي أهداه وزير الثقافة حقيقة، وهو عبارة عن فيلا لحفيدة محمد علي باشا الكبير مؤسس مصر الحديثة الأميرة رقية حليم، وفيه مختبر مسرحي وقاعة للعرض تعرض للمهتمين أي لصفوة المثقفين وللمسرحيين ودعوة الفنانين العرب وتكريمهم واجب نضعه في خطة المركز، لكن إذا لم تكن الإمكانيات قادرة ـــ في مرحلة التكوين ـــ على الدعوة الخاصة، فنحن ندعوهم دائماً في المهرجانات، وهم يشرفوننا في المسرح التجريبي، فهذا المكان حظي بتشريف الكثيرين منهم في كل العالم العربي، ما أشرت إليه مسبقاً، فإنني على التزام كامل بإهدائهم الأعمال المسرحية التي أوثقها مع شرائط فيديو وبإهدائهم مطبوعاتنا وأيضاً أرجو أن يقوموا هم بذلك، نستطيع أن نحل مشكلة الدعوات المتبادلة وأستطيع أن أستضيفهم في بيتي، ويستضيفوننا في بيوتهم بشكل متطور وراقٍ جداً من الدعوة وهم أحرار ويأتون إلى بلدهم في كل لحظة والمركز باعتباره الدائم موصلاً للذاكرة القومية ومدعماً للخبرة وحاضناً للإبداع ينتظر تشريفهم في أي لحظة وينتظر إهداءنا أعمالها تباعاً.
دور المسرح التعبير عن الهموم العربية
. ما طموحات د. أسامة أبو طالب للمسرح العربي كحركة مسرحية وللمكان كمركز إشعاع حضاري يساهم بشكل بناء في إثراء الحركة المسرحية؟
- طموحاتي للمسرح العربي كافة أن يتحول المسرح العربي حقيقة بالمستوى الجيد المأمول المنتظر إلى احتياج حقيقي للأسرة العربية لأن الأسرة تدخل للمسرح الجاد ولن يتطرق أو يدلف إليها أبداً الإرهاب ولا التطرف ولا السوقية ولا التخلف ولا الخيانة لأنها أسرة واعية وأن يصبح هذا المسرح معبراً عن همومنا العربية وأحلامنا في المستقبل، أن يصبح إلى جوار الدين والثقافة الجادة وسيلة حقيقية للإرشاد وللتعليم وللتقويم وبناء المواطن الصالح، أن يصبح لأبنائنا الذين نسميهم حراس المستقبل.
أما طموحاتي للمركز أن تكتمل مساحة دوره ويحتضن كل تاريخ المسرح العربي وإبداعه الحالي والمزمع إن شاء الله وأن يكون به كل الكتابات المسرحية العربية وكل الدراسات الفنية وأن توثق فيه كل العروض وأن يكون حاضناً للمهرجانات وللمؤتمرات العربية ومعبراً عن كتاب المسرح العربي.
مغامرة المسرح والتجريب
. السؤال الأخير هل أثر العمل العام في كتابات د. أسامة أبو طالب مبدعاً وناقداً؟
- أغلق عليّ إغلاقاً كاملاً إلا ما تسرب منها مثل الكتاب الأخير وهو مغامرة المسرح، لقد بدأت شاعراً وكتبت أربعة أفلام وقدمت مسرحية شعرية على المسرح القومي من إخراج الراحل الكبير عبدالغفار عودة 1979 في بداية حياتي العلمية والفنية، والآن أنا محاصر من قمة الرأس حتى أخمص القدم كما يقولون برسالتي في هذا المركز، أنا منذور حقيقة للعمل وأتخذ من توجيه الفنان فاروق حسني لي مرشداً مكبلاً، أي مكبلاً لحركتي إلا في هذاالإطار، وهو أن أحول هذا المركز إلى مؤسسة علمية وعالمية، ودائماً كلما وهنت همتي أسمع صوت الكاتب المسرحي الكبير ألفريد فرج في أول لقاء لي أو في أول استقبال لي في المجلس الأعلى للثقافة، وهو يقول: أسامة أبو طالب آخر حصن يحتمي به المسرحيون المصريون، فلا تكل عزيمتي إلى أن يحين وقت السكون والكف عن الحركة الوطنية، فأبدأ أستعيد شبابي الإبداعي الضائع، فأنا بالرغم من مشاكلي هذه توقفت عن مسرحية شرعية اسمها (الوردة والدم) وأرجو أن أعود لها وأراوضها وتراوضني، وهناك الآن مسرحية لثلاث قصص قصيرة بديعة للكاتب محمد سلماوي أكملت مسرحتها شعراً كي تصبح عرضاً موسيقياً كبيراً اسمها (باب التوفيق)، وفي الطريق كتابي القادم بعنوان «المسرح الممنوع».