قصيدة الحزن
شعر/ طارق عبد الفضيل
ليست بإلهامٍ من الشيطان
إن القصيدة منحة الرحمن
و قصيدتي صوت يلازم داخلي
خاطبت في أنغامها أشجاني
نونية بعدٌ البحار وأدمع
تجري ببحر ضائع الشطآن
يا نجمة تاهت بدرب غمامتي
بين النحيب وصولة الأحزان
لقد التقينا في مهاوي وحدتي
ثم اشتعلنا في خضم هواني
وتسافرين معي وأنسى فرحتي
يمحو ضياءك قاتم الألوان
يُرتاب في إسرائنا وكأنه
ذنب يفوق عبادة الأوثان
يجثو صراخي ساجداً في هودج
ماضٍ يزف لوائح البهتان
يا دمعة جالت بعيني تائه
ما للدموع هناك من أوطان
عودي إلى العين التي غادرتِها
أو جففي من ثوبك المتداني
ليست تزار الدار يدمع أهلها
ومحجة دار السعيد الهاني
أ وَ تهت عن بيت به الأقران أم
هل تحلمين بواهب الإحسان ؟
أخليلتي خلف التخوم تخبئي
كيلا تعيشي في الحياة هواني
فدعي ليَ الأحزان ألتحف المنى
ويصدني هول الحياة تعاني
أُرضي سريرتها بعطف الوالدين
…هي الذئاب ترقبت قطعاني
يا دمعتي فلترحلي هجراً لها
هجر الحمام مواطن الغربان
وارثي فؤاداً هائماً بغرامها
ظن الحياة مسالك الفرسان
نفسي أروضها فترضى برهة
لكن نفسي حين ألهو الثاني
وعظيم أحلامي هدى نفسي …
فتهديني ، وفي بيد الهوى ترعاني
والنفس لو هذبتها ستكون …
زهراً ، راح يبعث هديه بستاني
ولكان درب النفس محمود الخطى
يشدو به متعقبو التبيان
تشدو على أوتارها نغما فلا
ضلت عن الألحان غير ثواني
نفسي أجيبي سؤلنا في حيرة
ذهبت أمانينا لمن أضناني
يا نفس عودي للهدى في راحة
علّ الكلوم وقلبك الضدان
وعسى الهدى روح تعود لعالمي
بعد الفراق يعود ملهوفان
هل للسبيل عن الهوى من حيدة
أم أنه داء لأجل حِسان ؟
والحسن نفسي في الطريق سويّهِ
فلتنهلي من أعذب الشطآن
فلترجعي أ رفيقتي للدرب…
نشعل للكفاح مشاعل الإنسان
ولنتخذ من نار ثورتنا …
مصابيحا لنا تقتات بالقرآن
يا نفس عودي قبل يوم صارم
فيه الحرام إفاقة السكران
يا زهرة الوادي الخصيب لم الجفا
وإليك نهر من عبير جِناني
يا عالم الأحزان يا دمعي أنا
لمَ تأخذين العمر من إنساني ؟
فتركت أحلام الخلائق والمنى
وتركتِني مستنجداً إيماني
جفت جداول نهرنا فلم المنى
لو أنه يجدي فقد أحياني
فهل الدموع نسيكة اللقيا لنا
أم أنها سفن الوصال تعاني
وأنا المعذَب في بوادي حبنا
ليضوع عطرك في سماء بياني
ولقد قضيت العمر أروي شقوتي
سهداً وآهاً لم تنم أجفاني
ودعوت قلبي للرجوع فلامني
وركعت أطلب رحمة فنهاني
لكن دمعي لا يزيل كآبة
ولعالمي سوط من الأحزان
يا زهرتي ، دمع بلا جدوى ، فقط
ألهمتِني بعضا من الألحان
يا شعر ما بال القوافي لا تلين …
لخاطر مني سوى الأحزان
وأنينيَ الموعود أنت دواؤه
هل أنت قلب نابض الشريان ؟
أنت الصديق لدمعتي عند البكا
أفأنت حب من ثرى الأوطان ؟
أواه يا محراب حزن قاتل
شيع ـ ووحدك قادر ـ جسماني
أنت الحبيب ولا سواك أحبهُ
وجميع من في الأرض من خِلاني
حريتي أنت التي أحببتها
والناس بين السجن والسجان
إن القصيدة قصتي في روضها
أقضي سنيّ العمر في التحنان
عبث وميض البسم في طياتها
أكذوبة من خلفها الشفتان
يا شعر أشكو للزمان قضيتي
فاسمع معي إن لم أصل لزماني
كلمات شكواي التي أعددتها
حزن .. و وهم آخذ بعناني
يا أيها الموت الدفيق بعالمي
ما زلت تخطو عابراً ودياني
يا قاسيَ القلب العهود نقضتها
وأخذت تزحف في الرياض مكاني
أنسيتني سبل الرجوع لعالمي
وقتلت في نفسي رؤى الألوان
هدّمت جنة مولدي وطفولتي
وخطفت مني رونق الغلمان
علمتني أن السكوت فضيلة
فتركتني حساً بغير لسان
ينتابني فيض المشاعر خافقاً
بين الضلوع كثورة البركان
يرنو إليّ الناظرون كأنني
نقش يزين ساحة الميدان
أو أنني حبر يصوغ طقوسه
بين الكتاب وهدأة الأكوان
لست الذي قد يرتجي لكنني
ثمل تحرى لذة الأبدان
يا أيها الموت الدفيق بعالمي
أقبل عذاباً صاخب الإعلان
أقبل عذاب فإنني لم أحتمل
أقبل سريعاً ما ضياً لتراني
إني أذوب مع الهوى وأذوب
إن أرسلت أطلب وده فجفاني
والشوق عندي لوعة أبدا وما
أنت الذي والشوق تفترقان
شوقي إلى الأحلام شوق للذي
أبقيت عمري عنده فسلاني
أقبل عذاب .. خليل قلب راعه
يوما بقاؤك طاهر الأسنان
لاذت بك الأنات ضارعة فهل
هل يستجار بآبد جوعان ؟!
ليت الذي أرساك موت قاهر
ينهي الوجود بقرية الأحزان
لقياك يا زمن الفناء شعيرتي
وملاك قافيتي مع الأوزان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق